تقديم
إِرْشَادِ عِبَادِ اللَّهِ إِلَى الصَّوَابِ مِنْ خُطَبِ سَيِّدِنَا إِمَامِ اللَّهِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُغِيثُ مَنِ اسْتَغَاثَ بِهِ وَيُعِينُ مَنِ اسْتَعَانَ بِهِ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ، وَلَا مَعْبُودَ سِوَاهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللَّهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهَرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
وَبَعْدُ
فَلَطَالَمَا شَغَلَ بَالِي مَا عَرَضَ لِتُرَاثِ سَيِّدِنَا إِمَامِ اللَّهِ مِنْ ضِيَاعٍ كَثِيرٍ مِنْهُ وَمَا تُرَاثُهُ إِلَّا الْوَصَايَا وَالْحِكَمَ وَالنَّصَائِحَ وَالْخُطَبَ الَّتِي تَرَكَهَا
لِأَنَّهُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ لَمْ يُخَلِّفْ بَعْدَهُ دَارًا وَلَا مَاشِيَةً وَلَا دِرْهَمًا وَلَا دِينَارًا إِلَّا الْخُطَبَ وَالْوَصَايَا الَّتِي كَانَ يَهْتَمُّ بِهَا كَثِيرًا.
وَهَذِهِ الْخُطَبُ وَالْوَصَايَا كَانَ يُلْقِيهَا " بِاللُّغَةِ الْوُلُوفِيَّةِ" ثُمَّ يَأْمُرُ بَعْضَ تَلَامِيذِهِ الْكِبَارَ أَنْ يُحَرِّرُوهَا بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ لِكَيْ يَخْطُبُواْ بِهَا فِي بَعْضِ الْمُنَاسَبَاتِ. وَكاَن الَّذِينَ يَنْقُلُونَهَا إِلَى الْعَرَبِيَّةِ عُلَمَاءَ مُتَضَلِّعِينَ فِي النَّحْوِ وَالْأَدَبِ وَاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَعُلُومِ الدِّينِ كَالتَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَغَيْرِ ذَالِكَ.
وَمِنْ أَشْهَرِ هَؤُلَاءِ ، الشَّيْخُ عَبْدُ كَايْ وَالشَّيْخُ مُخْتَارْ لُوحْ، وَهَذَا الْأَخِيرُ أَلَّفَ فِي حَيَاةِ سَيِّدِنَا إِمَامِ اللَّهِ وَتَارِيخِ طَرِيقَتِهِ كِتَابًا كَبِيرًا وَسَمَّاهُ " بُشْرَى الْمُحِبِّينَ وَتَيْقِيظُ الْجَاهِلِينَ".
وَقَبْلَ رَحِيلِ سَيِّدِنَا إِمَامِ اللَّهِ بِأَيَّامٍ قَلِيلَةٍ أَمَرَ بِأَنْ تُجْمَعَ هَذِهِ الْخُطَبُ وَتُقْرَأُ بِحَضْرَتِهِ أَمَامَ التَّلَامِيذِ لِيَتَيَقَّنَ صَوَابَهَا وَيُصَحِّحَ مَا قَدْ يَكُونُ فِيهَا مِنْ غَلَطٍ بِسَبَبِ النَّقْلِ حَتَّى يَكُونَ كُلُّهَا صَوَابًا وَصَحِيحًا.
وَلَكِنْ بَعْدَ رَحِيلِ سَيِّدِنَا إِمَامِ اللَّهِ وَبَعْدَ وَفَاةِ أَكَابِرِ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ كَانُواْ يَسْمَعُونَهَا عَنْهُ مُبَاشَرَةً، وَكَثْرَةِ الْأَيْدِي الَّتِي تَتَنَاقَلُهَا مِنْ بَعْدِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ كُلُّ نَاقِلِيهَا مُتَضَلِّعِينَ فِي عُلُومِ الدِّينِ وَالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ مِثْلَهُمْ كُلُّ ذَالِكَ جَعَلَ هَذِهِ الْخُطَبَ تَتَعَرَّضُ لِكَثِيرٍ مِنَ الْأَغْلَاطِ النَّحْوِيَّةِ وَاللُّغَوِيَّةِ وَغَيْرِ ذَالِكَ.
وَكَانَ هَذَا يُؤْلِمُ قَلْبَ كَثِيرٍ مِنَ التَّلَامِيذِ الَّذِينَ لَمْ يُشَاهِدُواْ سَيِّدَنَا الْإِمَامَ الْمَهْدِيَّ فِي حَيَاتِهِ وَيُولَعُونَ بِأَخْذِ مَا هُوَ صَحِيحٌ مِنْ هَذِهِ الْوَصَايَا وَالْخُطَبِ، مِثْلِي وَمِثْلَ الْأُسْتَاذِ الْحَسَنْ سِلَّا وَهُوَ أُسْتَاذٌ بِالْمَدْرَسَةِ الْعُلْيَا لِلْأَسَاتِذَةِ بِدَكَارْ. نَاشَدَ ذَالِكَ فِي كِتَابِهِ " اِضْطِهَادَاتُ سَيِّدِنَا مُحَمَّدِ إِمَامِ اللَّهِ مِنْ طَرَفِ السُّلْطَاتِ الْإِسْتِعْمَارِيَّةِ" صَفْحَةَ 636 وَهُوَ كِتَابٌ مَطْبُوعٌ بِاللُّغَةِ الْفَرَنْسِيَّةِ مِنْ طَرَفِ الْمَعْهَدِ الْأَصْلِي ِلِإِفْرِيقِيَا السَّوْدَاءِ (IFAN) تَحْتَ رَقْمِ سِلْسِلَةِ ب 3 يُولِيُو 1971(Série B n°3 juillet 1971) .
وَلَكِنَّ اللَّهَ الْكَرِيمَ مَنَّ عَلَيْنَا بِالْخَلِيفَةِ الْمَحْبُوبِ سَيِّدِنَا عِيسَى بْنِ سَيِّدِنَا عُمَرَ الْمَشْهُورِ بِسَيِّدِنَا مَنْجُونْ بْنِ سَيِّدِنَا إِمَامِ اللَّهِ، وَهُوَ الْخَلِيفَةُ الَّذِي مُنْذُ كَانَ زِمَامُ الْأَمْرِ بِيَدِهِ لَمْ يَهْتَمَّ إِلَّا بِالْإِعْتِنَاءِ بِمُقَدَّسَاتِ طَرِيقَةِ الْإِمَامِ الْمَهْدِيِّ جَدِّهِ، فَأَنْقَذَ هَذِهِ الْخُطَبَ مِنَ الضِّيَاعِ. وَأَمَرَنِي بِجَمْعِ الْمَخْطُوطَاتِ وَتَنْقِيحِهَا ثُمَّ تَرْتِيبِهَا فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ لِيُصْبِحَ مَرْجَعًا يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِيمَا بَعْدُ. فَامْتَثَلْتُ لِأَمْرِهِ، وَجَمَعْتُ عِدَّةَ مَخْطُوطَاتٍ فَاعْتَمَدْتُ عَلَيْهَا. وَوَضَعْتُ هَذَا الْكِتَابَ كَمَا أَمَرَنِي وَبَعْدَ الْفِرَاغِ مِنْهُ عَرَضْتُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى إِخْوَتِهِ، كَالْحَاجِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَيِّدِنَا عِيسَى رُوحِ اللَّهِ بْنِ إِمَامِ اللَّهِ، وَالْحَاجِ الْحَسَنِ بْنِ سَيِّدِنَا مَنْجُونَ بْنِ إِمَامِ اللَّهِ،مَتَعَنَا اللَّهُ بِحَيَاةِ هَذَا الْخَلِيفَةِ وَحَيَاةِ إِخْوَتِهِ بِحُرْمَةِ ءَابَائِهِمْ وَجَدِّهِمْ وَبِبَرَكَةِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ .وَكَانَ الْفِرَاغُ مِنْهُ يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ 30 يَنَايِرْ 1973 م.فَسَمَّيْتُهُ " بِإِرْشَادِ عِبَادِ اللَّهِ إِلَى الصَّوَابِ مِنْ خُطَبِ سَيِّدِنَا إِمَامِ اللَّهِ "، وَرَتَّبْتُ هَذِهِ الْخُطَبَ حَسَبَ شُهْرَتِهَا فَقَدَّمْتُ أَكْثَرَهَا شُهْرَةً ثُمَّ الَّتِي تَلِيهَا فِي الشُّهْرَةِ، وَهَكَذَا ثُمَّ ذَيَّلْتُهَا بِخُطْبَتَيْنِ لِسَيِّدِنَا عِيسَى رُوحِ اللَّهِ بْنِ سَيِّدِنَا إِمَامِ اللَّهِ الْمَهْدِيِّ، هُوَ الْإِبْنُ الْأَكْبَرُ لِسَيِّدِنَا إِمَامِ اللَّهِ وَخَلِيفَتُهُ الْأَوَّلُ
وَهُوَ الَّذِي قَالَ سَيِّدُنَا الْإِمَامُ فِي حَقِّهِ:" إِنْ جَاءَ أَجَلِي وَلَمْ يُتِمَّ مَا أَمَرَنِي رَبِّي سَيُتِمُّهُ هَذَا الْوَلَدُ". وَهُوَ أَيْ سَيِّدُنَا عِيسَى حِينَئِذٍ فِي الْعَاشِرَةِ مِنْ عُمْرِهِ، وَكَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ.
وَهَذِهِ الْخُطَبُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا الْأَئِمَةُ وَالْمَأْمُومُونَ وَالشُّيُوخُ وَالتَّلَامِيذُ وَالْأَسَاتِذَةُ وَالطَّلَبَةُ، وَلَا سِيَمَا السِّنِغَالِيُّونَ الَّذِينَ يَهْتَمُّونَ بِالْكِتَابَةِ عَنْ عُظَمَاءِ بِلَادِهِمْ الْبَارِزِينَ. وَكُلُّ مَا فِيهَا مِنْ خَطَإٍ فَمِنِّي، لَا مِنَ الَّذِينَ قَالُوهَا وَلَا مِنَ الْمُحَرِّرِينَ الْأَوَّلِينَ، وَنَتَضَرَّعُ إَلَى اللَّهِ الْعَلِيِّ الْقَدِيرِ أَنْ يَجْعَلَ سَعْيَنَا مَشْكُورًا وَمَقْبُولاً، وَأَنْ يَكُونَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ كَرِيمٌ مُجِيبٌ.
الحاج محمد الصغير كاي