المهدي في السنة
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، ثم الصلاة والسلام على من هو بالمؤمنين رؤوف رحيم، سيدنا محمد مهدينا و هادينا إلى الصراط المستقيم، و على آله وصحبه و من تبعه بإيمان و إحسان إلى يوم الدين.
المتتبع لمصادر التشريع الإسلامي يرى أن للسنة منزلة عظيمة وأهمية كبيرة في الشريعة الإسلامية، باعتبارها تفسيرا للقرآن الكريم - الذي هو المصدر الأول للشريعة - قال تعالى (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [سورة النحل 44] باعتبارها زيادة عليه و تكملة و خاصة في الأمور التي سكت عنها القرآن يقول الرسول صلوات الله عليه وسلامه: "ألا إنني أوتيت القرآن و أوتيت مثله معه" في سنن أبي داود. قال تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ)[سورة النجم 3 - 5] و على هذا فإن أكثر العبادات لا نجد لها تفصيلا في القرآن الكريم بل في السنة النبوية كالصلوات الخمسة و كيفية أدائها و كذالك الزكاة والصوم و الحج و غيرها مما تقررت من العبادات و المناسك التي اجتمعت الأمة حولها سلفا و خلفا. فالواجب إجماعا أن يتبع المسلم الرسول صلى الله عليه وسلم ويعمل بسنته قولا و فعلا؛ قال تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [سورة الحشر 7] (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۚ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) [سورة التغابن 12] لهذا حرص المسلمون منذ عهد الرسول بعد حفظ القرآن الكريم على جمع و تحقيق و تمحيص ما ورد عن النبي من أقوال و أفعال. وضعوا قواعد لمعرفة صحيح السنة من سقيمها .
و كان من أهم ما و صل إلينا من أحاديث عن طريق أئمة الحديث المختصين بالسنة النبوية الشريفة أحاديث تبشر بخروج المهدي في آخر الزمان و هو من أهل بيت الرسول يوافق خروجه خروج نبي الله عيسى عليه السلام الذي يصلي خلفه و يكون له خليفة.
أحاديث المهدي خرجها جماعة كثيرون من الأئمة في الصحاح والسنن و المعاجم والمسانيد كأبي داود في سننه و ابن ماجه في سننه أيضا و الترميذي في جامعه و أحمد في مسنده والنسائي في سننه و الطبراني في الكبير و الأوسط و الصغير والدارقطني في الافراد وابن عساكر في تاريخه و غيرهم مما يبلغ ثمانية و ثلاثين إماما. أما في الصحيحين فأحاديث المهدي لم ترد فيها على وجه التفصيل أو التصريح بل جائت مجملة و قد وردت في غيرهما مفصلة. و لكن لا يقلل ذلك من شأن أحاديث المهدي فالصحيح والحسن في غير الصحيحين. كما أن الصحيحين لا يخلوان من أحاديث المهدي و نزول عيسى عليهما السلام.
من الصحابة الذين رووا أحاديث المهدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان، علي بن ابي طالب، طلحة بن عبيد الله، عبد الرحمن بن عوف، الحسين بن علي، أم سلمة، أم حبيبة، عبد الله بن عباس، عبد الله بن مسعود، عبد الله بن عمر، أبو سعيد الخدري، جابر بن عبد الله، أبو هريرة، أنس بن مالك، عمار بن ياسر، عوف بن مالك، ثوبان مولى رسول الله، قرة بن إياس، علي الهلالي، حذيفة بن اليمان، عبد الله بن الحارث، عوف بن مالك، عمران بن حصين، أبو الطفيل، جابر الصدفي