أزمة تربية الشباب
إبراهيم امبوج
اللجنة العلمية
الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم
إن التحدث عن موضوع " الأزمة العالمية" والبحث عن حلول لها لأمر يلفت نظر كل امرئ ذي بال يريد الإصلاح، وبما أن الأزمة شاملة لجميع نواحي الحياة الإنسانية ـ إن صح القول ـ فكانت من بينها ( الأزمة في التربية)، وأخص تربية الشباب. وقد بذلت العديد من المحاولات الرسمية والشعبية من أجل تحقيق تربية الشباب، وعقدت عشرات ومئات من الندوات والمؤتمرات والمحاضرات لمناقشة كيفية تحقيق هذه التربية. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: هل نجحت هذه المحاولات في ذلك أم فشلت؟ وما مدى تحقيق هدفها إن حققت شيئا؟ أو فما سبب فشل هذه المحاولات، إن كانت فاشلة في أملها...؟
وحتى الآن لم نر خطوات أكثر فاعلية في هذا المجال، سواء من ناحية البيت (الأسرة) أو المجتمع أو المدرسة. وتكاد الأخلاق الفاضلة والقيم العليا تندثر في صفوف شبابنا وشاباتنا على الأخص. فالأخلاق والقيم التي كانت تزين الشباب قديما أصبحت خبر كان. فأين الحياء ذلك الخلق العظيم؟ خلق الأولياء والأنبياء والمرسلين، وأين الأمانة الخلق الذي عرضه الله تعالى على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها، فحملها الإنسان؟ وأين العفة والقناعة؟ أين الإخلاص والشجاعة؟ وأين وأين... كل هذه القيم والأخلاق التي ساد بها قدماؤنا، نبذها كثير من شباب اليوم. وماذا نرى فيهم : انحرافا خلقيا بالأخذ بالأخلاق الفاسدة، والتحلل من الأخلاق الفاضلة، وانحرافا عقليا كالفراغ الفكري والروحي والعقائدي، والتسليم بالغزو الفري الأجنبي، وانحرافا اجتماعيا كالعنف والإجرام والإدمان على المخدرات والزنا والتقليد الأعمى لكل جديد، وانحرافا اقتصاديا، كالإسراف والتبذير، والمباهاة بفاخر الثياب، وضياع الوقت فيما لا يفيد...
فمن هو المسئول عن كل هذا الفساد؟ فانحراف الشباب ظاهرة اجتماعية، ومشكلة نفسية، وفساد تربوي، ويصعب حمل المسئولية على فرد أو أفراد مخصوصين دون الآخرين، وإن كان الآباء والأمهات هم المسئولون الأولون على تربية أولادهم وتوجيهم منذ نعومة أظفارهم." فكل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" كما صرح بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال عليه السلام :" كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته"
ويجدر بالذكر هنا أن الإسلام وضع منهجا واضحا لتربية الأولاد قبل وبعد ولادتهم من اختيار زوجة أو الزوج الصالح، وأكل الطيب، وتعليم الأبناء أمور دينهم. وما بعث الرحمن الإمام المهدي في آخر الزمان إلا ليصلح الفساد العام في الأرض. قد روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال"لا تذهب الدنيا حتى يأتي من أمتي رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا"
فلفظ "رجل" يوحي إلى أن منقذ العالم رجل واحد، فهو أعظم خلق الله قاطبة، وحقيقة بعثته أن يعم العالم القسط والعدل. وتعاليم الإمام المهدي عليه السلام هي تعاليم القرآن الكريم كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، وإنه عليه السلام لا ينطق عن الهوى عن هو إلا وحي يوحى . فهو أميّ لم يقرأ ولم يكتب، وأتى بما يعجز عن إتيانه العلماء حديثا وقديما. فهو عليه السلام يريد بنا النجاة دنيا وأخرى، ولذلك قال "فاقتدوني في فعلي وقولي إن وفيتم أدخلكم طريق النجاة" فصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الأخيار ومن والاهم إلى يوم الدين
إبراهيم امبوج
اللجنة العلمية