top of page

الشيخ مختار لوح

هو الشيخ مختار لوح بن متار نار لوح ويب نات جوب الجامبري، والمقدم اللاهيني الكبير،وأحد أكابر تلاميذ إمام الله المهدي،والعالم العلامة و الحبر الفهامة.

جده هو الذي أنشأ قرية جومري المشهورة بالعلم وتحفيظ القرآن الكريم،لكن أمّه من والو لأن أباه كان يتتلمذ على يد شيخ في إقليم والو ثم زوّجه الشيخ ابنته  يَبَ  نَـاتْ جُوبْ والدة الشيخ مختار لوح.

نشأ الشيخ مختار لوح  محاطا ببيئة علمية ودينية، فترعرع على حبّ العلم وطلبه لأن الإنسان ابن بيئته ومن يشابه أباه ما ظلم وهذا أكبر مفسر لعلمه الواسع ومعرفته العميقة وتدينه.

هجرته من جامبر إلى دكار مسكن سيده إمام الله:

لما قام سيدنا إمام الله المهدي يدعو إلى الله، بلغ صدى دعوته جميع أقطار البلاد وكانت دكار وقتذاك  لا تكاد  يُعرَف عنها شيء حتى اسمها. كان الشيخ مختار لوح من الملبّين لهذا الدعوة إلى الله،وجاء مع بعض أهل والو مسكن أخواله، ممن آمن  بهذه الدعوة إلى هذا المكان الغريب القاصي و تركوا أهلهم ووطنهم و أموالهم . لكن هناك علامة استفهام ! لم كل هذه التضحيات ؟وما الذي دعا هذا العالم الفذ النقي الورع و أمثاله إلى تلبية رجل لا  يعرف عنه شيء ، حتى الإقليم الذي يقطنه ،ويهجر دياره وأهله وأمواله، ويخوض الفيافي ويجتاز العقبات ويعاني من مشقات السفر ، في وقت لم تكن وسائل التنقل  متيسرة؟.ربما علم من الله ما لم  يكن يعلمه الكثير.

قصة إيمانه ومبايعته للمهدي:

من المعروف أن أكثر تلاميذ المهدي كانوا من العلماء الأتقياء أمثال الشيخ مختار لوح،كما تنبأ مِن قبل ابن عربي في كتاب الفتوحات بقوله(ويبايعه أي المهدي العارفون من أهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف إلاهي) ولعل هذا الشهود و الكشف بالتعريف الإلهيّ الذي يثير إليه بن عربي، هو أكبر مبرّر لكلّ هذه التضحيات. وقد شهد الشيخ بعلمه ومعرفته أن هذا الرجل الذي جاء لكي يلبي دعوته في أقصى البلاد هو ضالته، المهدي الذي كنا في انتظار ظهوره.

يقول الشيخ مختار لوح في كتابه بشرى المحبـين وتيقيظ الجاهلين (وقرأنا في الكتب أن إمام المهدي يولد في المغرب وأنه سيكون خامسا للأربعة الذين ملكوا الدنيا بأجمعها وهذا القول في نزهة المجالس وقال القرطبي أيضا في كتابه :أنه أي الإمام المهدي يظهر في المغرب الأقصى على ساحل البحر في جبل المغرب ،وكذا في كتاب مشارق الأنوار. ولم يختلفا على ذلك وهذا القول اجتمع بفعل الله عز و جل و الحمد لله رب العالمين على فعله وقدره) وهذا دليل على أن الشيخ مختار لوح شهد بعلمه صدق دعوة إمام الله النبي الأمي ويدل أيضا على سعة اطّلاعه واجتهاده في وقت قلّت الكتب وندر التعلم.

واشتهر عنه أنه إذا اشْتُكِيَ عنده تكذيب بعض العلماء بدعوة إمام الله يرد قائلا:هذا دليل على قلّة اطّلاعهم.

 

 مكانته:

كان الشيخ مختار لوح من القلة القلائل الذين أوتوا العلم والإيمان واتّبعوا الحق من ربّهم وآمنوا بإمام الله المهديّ المنتظر كما يقول في كتابه البشرى(وظل-أي المهدي-يدعو إلى الله مدة عشرين سنة،فلم يجبه إلا القليل من خيار الأمة.) كان يقول  ابن أخته الإمام محمد صغير :(إن الشيخ مختار لوح كان أكثر تلاميذ المهدي علما)وتتلمذ على يديه ابن إمام الله  المهدي أبو بكر باب العلوم قرابة ستة أشهر.

اتخذه إمام الله أمينا ،وكذلك أيضا ابنه وخليفته عيسى روح الله.

فالشيخ مختار لوح وصاحبه عبد الله غي هما اللذان سجّلا أكثر خطب إمام الله باللغة العربية،لأن المهدي أميّ مثل محمّد لم يكن يتكلم إلّا بلغة قومه ولوف وكذلك ما أرسلنا من نبيّ إلّا بلسان قومه ليبيّن لهم، وخوفا من أن يضيع ما أنزل إليه ليبلغه للناس كافة أمر بكتابته باللغة العربية التي كانت وقتذاك لغة الدين و الثقافة.

و لعل أكثر ما يبرز مكانته ، أن سيدنا إمام الله في آخر عيد فطر له ، الذي لم يمكث في دار الفناء بعده إلا ثلاثة عشر يوما أمر السيد أن يحضر ذلك اليوم كلّ من تعلق به القاصي منهم والداني رجالا ونساء كبارا وصغارا.ويحكي لنا الشيخ مختار لوح في بشراه(ولما دخل شهر رمضان الذي كان آخر صومه، أمر بإخلاصه وكثرة ذكر الله فيه وقلة الكلام من فضول ولما انتصف الشهر أمرنا بأن نكتب البراوة  إلى كل جهة من أصحابه ليحضروا يوم عيد الفطر لقرب خروجه من الدنيا.) وفي هذا اليوم المبارك الذي اجتمع فيه جميع أصحابه، لم يقع اختيار إمام الله إلّا على الشيخ مختار يسأله، كما يحكي لنا الشيخ مختار (ولما مكث قليلا- قي مصلاه-قال لي يا مختار لوح ماذا قال جبريل لرسول الله –ص-؟فسكتّ ثم قال ذلك ثانيا،ثم قال لي:ألم يقل له أدْنُ؟ قلت نعم ولم أعرف ما عنى بذلك ، إلاّ بعد خروجه من الدنيا.)لأن إمام الله المهدي كان يريد أن يخبرهم ،بأن أجله قد دنا وسيحذو في ذلك حذو النبي –صلى الله عليه وسلم-ووجّه  لمختار لوح سؤالا تقريريا لعله يدرك بسعة علمه مقصوده.

مؤلفاته:

لعلّ الشيخ مختار اشتهر بكتابه بشرى المحبين الذي ألّفه في عصر سيدنا عيسى روح الله، ولكن له مؤلفات أخرى مثل :دعاء زود المريدين الذي  يبدو أنه ألّفه في حياة إمام الله وكتاب صلاة النعت برسول الله .

ألف كتاب بشرى المحبين بأمر من سيّدنا عيسى روح الله الذي طلب منه أن يكتب سيرة سيدنا إمام الله وحياته، وذلك بأمر أيضا من إمام الله. قال سيدنا عيسى روح الله للشيخ مختار: رأيت أبي البارحة ثلاث مرات، كل مرة يستعجلني في أن أبلغك أن تكتب سيرته. وأكّد له روح الله اختيار الإمام له وقال :(إمام الله لم يطلب ذلك مني بل طلبه منك)

  وذلك لما كثر من يكتب عن إمام الله بغير علم وبدون إذن وهذا هو سبب تأليفه لهذا الكتاب. يقول الشيخ مختار لوح : ( أمرني من لا قدرة لي أن أخالفه أن أكتب شيئا من معجزات سيدنا إمام الله وإمام العارفين..... وكيف يدرك قعر اليم بالنزخ باليد ...) ولما فرغ من وضع الكتاب، سلّمه سيدنا عيسى ليراجعه، فقال له روح الله : ( تطمئن نفسي إلى كل ما تكتب يا مختار ،وكفى بك أمينا ) وأمر بإحراق ما عداه من الكتب، واتخذ كتابه المرجع الأساس لسيرة إمام الله.

  وكان سيدنا عيسى روح الله كثير الوقار للشيخ مختار ، وكان يدعوه ب (( بَايْ مَـتــَارْ )) أي أبي مختار تأدبا.

  ولما توفي إمام مسجد كمبرين باي بال. وكان وقتذاك الشيخ مختار إمام مسجد يمبل ، قال سيدنا عيسى روح الله :ولولا الخوف على أهل يمبل لاتّخذت أبي مختار إماما لمسجدي هذا.

   كان الشيخ مختار يسكن جوار سيدنا إمام الله ثم انتقل إلى يمبل واستقر فيها أخيرا .

ويمبل ثالث قرى اللاهينية بعد يوف مهبط رأس سيّدنا إمام الله ومكان دعوته ووفاته ، وكمبرين التي هي دار هجرته. ويمبل قرية آمن كل سكانها و قتذاك  بإمام الله المهدي. اتخذها الشيخ مختار مأوى و مستقرا ، يعلّم فيها القرآن الكريم و العلوم الشرعية ونشر تعاليم المهدي. وتتلمذ على يديه كثير من الناس وكان أيضا إماما لمسجدها.

أخلاقه:

  كان  أمين المهدي وابنه عيسى، لكن لم يجعل تلك الوجاهة الاجتماعية نصب عينيه . بل كان همّه الأكبر أن يكون عبدا لله عز وجل. كان يُفْتى في مجلسه ولم يُـر أحد مثله في العلم، وكان يفضّل السكوت والتواضع. وذات يوم تفضّل رجل وقام يشرح كتابه بشرى المحبين في مجلس هو فيه ، وأخطأ الرجل في فهم بعض ما كتبه الشيخ مختار فقال له الشيخ لم أكتب ذلك ، وأعاد الرجل نفس الخطأ مرتين ولكن كلّ مرة يقول له الشيخ لم أكتب ذلك . فسكت الرجل وجلس .وهذا يدل على كراهيته للظهور وحبه للتواضع . وذات يوم أيضا تنازع عالمان كبيران الكلمة في مناسبة دينية ولما اشتد النزاع ، رفع الشيخ مختار صوته وقال : مهما بلغتم من العلم فهنا في المجلس من يعلم مثلما علمتم ويعلم أيضا ما لا تعلمون وهو ساكت ، ولما سمعا ذلك منه تركا النزاع وهدأ المجلس.

  كان من أخلاقه النبيلة أنه لم يكن يستهدف إعجاب الناس له في كل شيء، ولا يتظاهر بعلمه أبدا. كان يقول  ابن أخته الإمام محمد الصغير : ( إنّ الشيخ مختار كان آية في تأويل الأحاديث، ولكن إذا حدث أن استفتاه أحد في رؤيًا ، يقول له : ألم تكن نائما؟ وإذا قال بلى ، يقول له :و في المنام يمكن أن يحدث  كل شيء. ويهرب من المسألة )

 كان أيضا قليل الكلام  خائضا في وادي التوحيد والإخلاص الذي قّل من ينزل له من مثله في العلم والجاه، طلب العلم في الله ولأجل الله فكان بذلك من أئمة المصلحـين والمخلصين. قال ابن أخته الإمام محمد الصغير غاي ، أن  معمر مريم جوب قال له  في عزاء كان في يمبل: ألا تقوم في الناس لتعظهم. فقال له : (فليفعلوا ما أُمِروا به ويـنـتهـوا عما نُـهـوا عنه ) فسكت .ويقول أيضا ابن أخته الإمام محمد الصغير غاي أن خاله الشيخ مختار كان شديد الزهد عن الدنيا حتى بالغ فيه ، وذلك ما جعله يتنازل عن إمامة مسجد يمبل ويسلّم الأمر إلى الشيخ جبريل ، قائلا له : أنت أنشط مني وأصغر مني سنا فالأمر بيدك الآن. وقدمه أمام الجماعة . وأصبح يصلي خلفه وهذا من أسمى الصفات ومن نبل الأخلاق .

وكان لا يرضى بالتقاط صورة فوتوغرافية ، لأنه كان يريد أن لا يذكره الناس بعده ويكون نسيا منسيا وكل ذلك لفرطه في التوحيد والإخلاص.لذلك كان ما كلفه به سيدنا عيسى عبئا ثقيلا عليه لأن ذلك سيخلّد اسمه .

قال الإمام محمد الصغير أن  يوم افتتاح جامع كمبرين سنة 1937 لما وقف سيدنا عيسى مع الجمع الحضور ليلتقطوا صورة تذكارية اقتصى عنهم الشيخ مختار  وجلس في مكان بعيدا عن ساحة التصوير.  فأخلاق الشيخ مختار خير شاهد  على قربه من الله سبحانه ورفعة مقامه وعلو قدره لأن من تواضع لله رفعه الله.

مناقبه :

كان الشيخ مختار لوح من رجال الله المخلصين الذين أحبوا الله ورسوله فأحبّهم الله، نصروا الله فنصرهم. كان مستجاب الدعوة ، وكثير الذكر والصلاة على النبي ، وكان لا يكاد يكمّل جملتين  ولا يخطو خطوتين  إلّا و يصلي على نبيه.

كان للشيخ جوكا جه زوجة كانت كلما وضعت طفلا، تدركه المنية  رضيعا،واشتكى ذلك إلى الشيخ مختار، وذلك عندما صلى الشيخ مختار الصبح في المسجد راجعا إلى داره، أخبره جوكه  جه بأن امرأته وضعت فجر اليوم أنثى وأ خبره بأمرها ، فقال له الشيخ مختار سمّها أمي يب بنات  لعل الله يطيل عمرها استحياء مني . فوقع الأمر كما قال . وهذا لمن العجب العجاب  وإن لم يبلغنا عن الشيخ مختار إلا هذا لكفى أن يعرّفنا قدر صاحب إمام الله هذا.

وفاته:

 كان من دعاء الشيخ مختار ، أن لا يجعل الله له بعد قوة ضعفا هرما ،ويصبح عبئا ثقيلا على عياله ،وأجاب الله دعاءه . توفي وهو لا يزال يحتفظ بقوته وصحته رغم كبر سنه .

 

 

 ولما قرب انتقاله من هذه الدار إلى جوار سيده إمام الله ، قال يوما :إني أشتاق إلى زيارة روضة سيدي .فقصد يوف جملاي. ولما رجع أصيب بالبرد الذي توفي فيه .وانتقلت روحه الطيبة من دار الفناء إلى جوار إمام الله المهدي في داره بيمبل سنة1940     

كانت وفاته صدمة كبيرة في قلوب أهل الله ، واجتمع في يمبل كل من سمع خبر وفاته وعرف قدر الشيخ ليشيع جنازته ، وكانوا ينتظرون مجيء السيد عيسى روح الله .وكانت كل قرية من قرى الطائفة اللاهينية ترى أن أرضها أحق بالجثة الطاهرة .

 ولما حضر روح الله عيسى قال أنها ليوف جملاي جوار سيده ، لكن أهل يمبل ثبتوا على موقفهم وقالوا أنهم لا يصبرون على أن تفارق الجثة أرضهم ، لأنه لم يبق من الأمر إلا الدفن لأنه قد تم غسل جثته في أرضهم وأسلمت روحه الطاهرة أيضا فيها .

 ولما تفخم  النزاع قال  لهم روح الله عيسى : اعلموا أني رسول إليكم وما كان للمؤمنين أن يكون لهم الخيرة من أمرهم إذا قضى الله ورسوله. لأن هذا أمر من عند سيده إمام الله ، ولكي أزوره ضريحه كلما آتي لزيارة روضة إمام الله . ولما سمعوا هذا الكلام  تركوا الأمر بيده وامتثلوا . ونقل بالسيارة من يمبل إلى يوف جملاي وكان روح الله عيسى من الذين حملوا الجنازة بيده الشريفة ووضعها  في السيارة. وصلى عليه سيده روح الله عيسى في مصلى إمام الله . ودفن في مقبرة جملاي. رضوان الله تعالى عليه  وعلى إخوانه المؤمنين .

 لقد خلف هذا الشيخ العظيم وراءه أعمالا قيمة تشهد على قدره ، وآثارا تقتفى للوصول إلى قمم العلا والمجد. وبنتين هما رقية لوح  ومام  كمب لوح . أما أولاده فقد تُـوُفوا قبله . ولما توفي ولده، سالت الدموع على خديه مما أثار حيرة الناس واشتدّ حزنهم ، لأنه كان قوي الإيمان وصادق الصبر ولما أحسّ منهم ذلك قال لهم: لا أحزن على فقدان ولدي ولكن أخاف أن تضيع مهمتي بعدي .لكن الله السميع العليم لا يضيع أجر العاملين، ولا يخيب آمال الصالحين ،استمع إلى شكوى الشيخ كما استجاب لزكريا عندما كان في مثل موقف الشيخ مختار. فقد جفف دموعه   بابن أخته الإمام محمد الصغير الذي ورثه وحفظ مؤلفاته وتناولها بالشرح والنظم، وورثه في مهمته الكبيرة وهو الدفاع عن ملة إمام الله                                                                      
                               هذه نبذة مختصرة من حياة الشيخ مختار لوح نفعنا الله ببركته

شيخ مختار غاي

bottom of page