top of page

الخطبة الثالثة لسيدنا إمام الله

هِيَ اَلْخُطْبَةُ الَّتِي أَنْشَأَهَا سَيِّدُنَا إِمَامُ اللَّهِ وَبَعَثَ بِهَا إِلَى قَرْيَةِ " انْكَاخَمْ" لِبَعْضِ نِزَاٍع كَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ هُنَاكَ مِنْ تَلَامِيذِهِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ بَبْبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَيْرِهِمْ، وَقَبْلَ شُرُوعِهِ فِي بَيَانِ حُرْمَةِ الْخِصَامِ وَالْعَدَاوَةِ فِي الدِّينِ الْإِسْلَامِيِّ، اِفْتَتَحَ كَلَامَهُ كَعَادَتِهِ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْجَمِيعِ، وَالدُّعَاءِ لَهُمْ بِالرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ، وَالسُّؤَالِ عَنْ أَحْوَالِهِمْ، وَأَحْوَالِ عِيَالَا تِهِمْ ثُمَّ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ فِي مَكَّةَ، وَفِيهَا قَدْ بُعِثَ، وَوَجَدَ هُنَاكَ دِينًا وَنَسَخَهُ وَأَمَرَ بِالدِّينِ الْإِسْلَامِيِّ، وَهُوَ دِينُ اللَّهِ الْقَوِيمِ فَكُلُّ مَنْ آمَنَ بِهِ فَقَدْ نَجَا، وَمَنْ كَفَرَ بِهِ فَقَدْ هَلَكَ . ثُمَّ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ سَيِّدَ هَذَا الزَّمَانِ يَعْنِي بِهِ نَفْسَهُ، يَأْتِي وَيُخَالِفُ الْعُلَمَاءَ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ، فَيَكْفُرُونَ بِهِ. ثُمَّ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الدِّينَ يَجِبُ أَنْ يَتَسَاوَى فِيهِ الْكَبِيرُ، وَالصَّغِيرُ ، وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ ثُمَّ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَطْلُبْ وَلَنْ يَطْلُبَ مِنْهُمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا قُوَاهُمْ وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤَدُّواْ الزَّكَاةَ مِنْ كُلِّ مَا يَمْلِكُونَ مِنَ الْمَالِ وَلَفَتَ نَظَرَهُمْ إِلَى عَظَمَةِ الزَّكَاةِ فِي الدِّينِ، وَأَنَّ مَنْ أَضَاعَ شَيْئًا مِنْهَا مِثْلَ خَرْدَلَةٍ، سَوْفَ يُوَفِّيهِ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ .

   ثُمَّ خَتَمَ الْخُطْبَةَ بِالشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ، فَبَيَّنَ حُرْمَةَ الْخِصَامِ وَالْبَغْضَاءِ فِي الدِّينِ ِلِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ جَمِيعًا إِخْوَةٌ، وأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَجِبُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِأَوَامِرِ شَيْخِهِ، وَمُقَلَّدِهِ وَيَقْتَدِي بِهِ فِي خِصَالِهِ، وَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا، يَجِبُ أَنْ يَكُونُواْ يَدًا وَاحِدَةً عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَنْ يُقْرَأَ هَذَا الْكِتَابُ أَمَامَ الْجَمِيعِ .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ

    أَمَّا بَعْدُ 

فَمِنْ إِمَامِ اللَّهِ الْمَعْلُومِ، وَالسَّيِّدِ الْكَرِيمِ الَّذِي يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَي عَنِ الْمُنْكَرِ، إِلَى جَمِيعِ تَلَامِيذِهِ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَاتَّخَذُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ الشَّدِيدِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَبَرَكَاتُهُ:

فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ بِكُمْ، هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، مُوجِبُهُ: إِعْلَامُكُمْ أَنِّي أَسْأَلُ عَنْ خَيْرِكُمْ، وَعَافِيَتِكُمْ، وَعِيَالِكُمْ، وَدِيَارِكُمْ، وَأُذَكِّرُكُمْ، مَا كُنْتُمْ فِيهِ. وَأَزُورُكُمْ حَقَّ الزِّيَارَةِ، وَأَزُورُكُمْ فِي طَاعَتِكُمْ، وَرَعِيَّتِكُمْ، هَلْ غَفَلْتُمْ أَمْ لَا ؟ وَآمُرُكُمْ بِمَا أَمَرَ بِهِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَأَنْهَاكُمْ عَمَّا نَهَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَنْهُ.وَاعْلَمُواْ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ فِي مَكَّةَ، وَبُعِثَ عِنْدَهَا، وَوَجَدَ هُنَاكَ دِينًا وَنَسَخَهُ، فَأَمَرَ بِدِينِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ دِينُ اللَّهِ الْقَوِيمِ، وَمَنْ آمَنَ بِهِ، وَاتَّبَعَهُ فَهُوَ يَنْجُو، وَمَنْ كَفَرَ بِهِ فَهُوَ يَهْلِكُ.

 

وَسَيِّدُ هَذَا الزَّمَانُ يَأْتِي [1] وَيُخَالِفُ الْعُلَمَاءَ، فَكَفَرُواْ بِهِ، وَهُوَ يَدْعُو بِالدِّينِ وَالْهُدَى إِلَى اللَّهُ، وَمَنْ تَبِعَهُ، وَصَدَّقَهُ، يَهْتَدِي وَكَذَالِكَ يَهْلِكُ مَنْ كَفَرَ بِهِ.

وَاعْلَمُواْ أَنَّ الدِّينَ سَوَاءٌ فِيهِ الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَ قَرَأْتُمْ قَوْلَهُ تَعَالَى: " إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [2]. وَالْعِلْمُ لَا يَنْفَعُ إِلَّا مَعَ الْإِيمَانِ،  وَالتَّقْوَى،  وَالْعَمَلِ بِهِ، وَ إِلَّا فَلَا يَنْفَعُ شَيْئًا،  وَالْعِلْمُ نَافِعٌ، إِنْ كَانَ مَعَ قَلْبٍ خَاشِعٍ.

فَاجْتَهِدُواْ وَأَنْتُمْ كُنْتُمْ فِي مَنَازِلِ الْأَوَّلِينَ، الَّذِينَ كَانُواْ يُؤْمَرُونَ بِالْجِهَادِ، وَيُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَيُسْفَكُ دِمَاءُهُمْ، وَنَحْنُ مَا كُنَّا كَذَالِكَ، إِلَّا وَأَنَا آمُرُكُمْ بِجِهَادِ النَّفْسِ، وَهُوَ حِفْظُ جَمِيعِ الْجَوَارِحِ مَاسْتَطَعْتُمْ، وَالْوُقُوفُ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ كَمَا أَمَرَ بِهِ.

وَلَا أَسْأَلُكُمْ مَالَكُمْ، وَلَا مَا اتَّخَذْتُمُوهُ لِمُقْتَنَيَاتٍ[3]،  وَلَكِنْ أَسْأَلُكُمْ مَالَ اللَّهِ الَّذِي هُوَ فَرِيضَةٌ عَلَى ذِمَّتِكُمْ وَأَمَرَ اللَّهُ بِإِخْرَاجِهِ فِي وَقْتِهِ كَامِلاً، وَمَنْ نَقَصَ مِنْهُ شَيْئًا مِثْلَ خَرْدَلَةٍ، سَوْفَ يُوَفِّيهِ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. وَأَنْتُمْ لَا تَأْكُلُونَهُ وَلَا تَشْرَبُونَهُ، إِلَّا وَأَنْتُمْ تَتَصَدَّقُونَ بِهِ. وَالنَّفْسُ لَا تَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ لِنَفْسِهَا، وَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَنْ يَتَّبِعُ أُمُورَهُ فِي الدُّنْيَا وَيَأْمُرُهُ وَيَنْهَاهُ، وَجَبَ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهُ وَرَسُولَهُ وَيَرْضَى عَنْهُ.

وَاعْلَمُواْ أَنَّ الزَّكَاةَ مَالُ اللَّهِ وَمَنْ أَخْرَجَهَا كَمَا يَتَزَكَّى، سَيُجْزَى الْجَزَاءَ الْأَوْفَى، وَمَنْ نَقَصَهُ، أَوْ أَتْلَفَهُ، فَعَلَيْهِ ذَنْبٌ.

فَاجْتَهِدُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ، وَاعْبُدُوهُ كَمَا أَمَرَ بِهِ وَكُونُواْ مِنَ الْمُخْلِصِينَ. فَإِنَّ الرَّسُولَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِلَّا الْبَلَاغُ، وَأَنَا بَلَّغْتُ، وَمَنْ سَمِعَ، وَأَطَاعَ، فَحَسَنٌ، وَمَنْ سَمِعَ وَلَمْ يُطِعْ، فَعَلَى نَفْسِهِ.

وَيَجِبُ عَلَى الْكِبَارِ أَنْ يَأْمُرُواْ الْأَطْفَالَ بِأَعْمَالِ الْبِرِّ، وَكَذَالِكَ النِّسَاءَ، وَالْعَبِيدَ مَعَ الْإِخْلَاصِ،وَحِفْظِ الْمَوَاشِي، فِي اِتِّبَاعِ حَقِّهَا، وَكَفِّهَا عَنْ حُقُوقِ النَّاسِ، وَارْحَمُواْ نِسَاءَكُمْ فِي النَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ،  وَاحْذَرُواْ أَنْ تَضُرُّوهُنَّ.

وَأَيْضًا، سَمِعْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ يَتَخَاصَمُونَ مَعَ أَصْحَابِكُمْ، الَّذِينَ كَانُواْ مِنْ تَلَامِيذِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ بَنْبَ وَغَيْرِهِمْ، هُمْ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ. فَوَاجِبٌ عَلَيْكُمْ أَنْ تَكُونُواْ إِخْوَانًا، وَالْمُؤْمِنُونَ كُلُّهُمْ إِخْوَةٌ، وَلَيْسَ فِي الْإِسْلَامِ عَدَاوَةٌ وَبَغْضَاءٌ.

وَاعْلَمُواْ أَنَّ الدِّينَ نَصِيحَةٌ، وَمَحَبَّةٌ، وَتَعَاوُنٌ وَمُنِعَ فِي الدِّينِ الْجِدَالُ، وَالْمِرَاءُ، وَمُنِعَ فِي الدِّينِ التَّسَافُلُ، وَالتَّعَايُبُ، وَالتَّنَازُعُ وَالتَّنَابُزُ، وَلَا تَنَازَعُواْ إِلَّا إِلَى الْهُدَى وَالتَّقْوَى، وَكُلُّكُمْ فَلْيَأْخُذْ بِسَيِّدِهِ وَمَلَاذِهِ وَيَعْمَلْ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ وَيَقْتَدِ بِهِ فِي خُلُقِهِ.

وَلَا تَجْعَلُواْ الدُّنْيَا أَمَامَكُمْ، وَاتْرُكُوهَا وَرَاءَ ظَهْرِكُمْ، 

وَإِذَا جَاءَ هَذَا الْكِتَابُ إِلَيْكُمْ، فَوَاجِبٌ عَلَيْكُمْ أَنْ تَحْضُرُواْ قِرَاءَتَهُ بَيْنَكُمْ، وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينِ يَكُونُونَ هُنَاكَ. وَاجْتَمِعُواْ فِي الْإِخْلاِصِ، وَأَلِّفُواْ قُلوُبَكُمْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ. لَا يَمْنَعُ [4] كُلَّ مَنْ فِي مَنْزِلِهِ أَنْ يُتَّبَعَ فِيهِ. وَالسَّلَامُ.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1] يريد

[2] الأحزاب الآية  35 

 [3] أي ما تملكونه كمقتنيات

 [4]   قوله لا يمنع كل من في منزله..الخ : أي لما أمر سيدنا إمام الله اجتماع القوم وقراءة الكتاب أمامهم، وقد لا يسمح الجو من اجتماع الجميع من أجل النزاع الموجود بينهم قال :" لا يمنع الخ" أي يسمح أن يؤتي كل من لم يحضر المجلس، ويوجد في منزله ويقرأ الكتاب أمامه، كي لا يجهل أحد عما في الكتاب من الأوامر، والناهي، والنصائح والله أعلم

bottom of page