الخطبة الرابعة لسيدنا إمام الله
فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ، يَأْمُرُ سَيِّدُنَا إِمَامُ اللَّهِ بِالْإِتِّحَادِ، وَالتَّعَاوُنِ، وَالتَّزَاوُرِ، وَالتَّشَاوُرِ، وَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا. وَيُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَمْ يَطْلُبْ مَالاً، وَلَا دُكَّانًا، وَلَا مَاشِيَةً وَلَا عُرُوضًا، وَلَمْ يَطْلُبْ جَمَاعَةً يَزْرَعُونَ لَهُ بُسْتَانًا، وَلَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا بِأَنْ يَجْمَعَ لَهُ هَدَايَا أَوْ صَدَقَاتٍ مِنَ النَّاسِ، إِلَّا مَنْ أَعْطَاهُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا عَنْ طِيبِ نَفْسِهِ، وَأَنَّ اللَّهَ يَجْزِي كُلَّ ذِي عَمَلٍ عَمَلَهُ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْآمِرِ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَيْرِ بَنِي عَدْنَانٍ.
أَمَّا بَعْدُ
فَمِنْ إِمَامِ اللَّهِ أَلْفُ سَلَامٍ مَعَ أَلْفِ تَحِيَّةٍ، إِلَى أَحِبَّائِهِ وَأَخِلَّائِهِ، وَتَلَامِيذِهِ، كَتَفْسِيرْ عَبْدِ اللَّهِ جَالُو، وَإِخْوَانِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا،بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، حَتَّى دُيُوكِ دِيَارِكُمْ مَعَ إِشْعَارِ كُمْ بِأَنِّي أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ الْعَظِيمِ، وَآمُرُكُمْ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَمَّا نَهَي اللَّهُ عَنْهُ.
وَآمُرُكُمْ أَيْضًا، بِأَنْ تَتَأَلَّفُواْ، وَتَتَعَاوَنُواْ، وَتَتَزَاوَرُواْ، وَتَتَشَاوَرُواْ، وَتَتَحَابُّواْ فِي اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَسَاعَةٍ، وَتَتْرُكُواْ الدُّنْيَا وَرَاءَكُمْ، وَلَا تَجْعَلُوهَا أَمَامَكُمْ، لِأَنَّهَا تَغُرُّ مَنْ أَخَذَهَا بَغْتَةً. وَاعْلَمُواْ أَنِّي لَمْ أَطْلُبْ رِبَاعًا، وَلَا دُكَّانًا، وَلَمْ أَطْلُبْ بَقَرًا، وَلَا إِبِلاً، وَلَا غَنَمًا، وَلَا خَيْلاً، وَلَا حَمِيرًا، وَلَمْ أَطْلُبْ جَمَاعَةً يَزْرَعُونَ لِي بُسْتَانًا، وَلَمْ أُرْسِلْ أَحَدًا يَطْلُبُ لِي هَدَايَا أَوْ صَدَقَةً، وَلَمْ آمُرْ أَحَدًا بِأَنْ يَكُونَ طَالِبًا رِبَاعًا، أَوْ دُكَّانًا، أَوْ بُيُوتَ خَشَبٍ،
وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ ذَا تَبَعٍ لِي فَلْيَتْرُكِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَيُخَفِّفْهَا، وَيَحْرِصْ عَلَى عَمَلِ الْآخِرَةِ، لِأَنَّ الْآخِرَةَ هِيَ الْبَاقِيَةُ، وَنَعِيمَهَا لَا تَزُولُ أَبَدًا. وَمَنْ كَثُرَ فِيهَا بِنَاؤُهُ وَعُرُوضُهُ وَمَتَاعُهُ، أَوْ غَنَمُهُ، أَوْ بَقَرُهُ أَوْ إِبِلُهُ، لَا بُدَّ أَنْ يَتْرُكَهَا يَوْمًا، وَيُخَلِّفَهَا إِلَى الْآخِرَةِ وَيَنْهَبَهَا غَيْرُهُ، وَفِي الْآخِرَةِ شِدَّةُ عَذَابٍ وَأَهْوَالٌ، وَبُكَاءٌ، وَأَحْزَانٌ مَالَا يُحْصَى وَلَا يُعَدُّ.
إِنْ أَرَدْتُمُ النَّجَاةَ، فَأَصْلِحُواْ أَعْمَالَكُمْ، وَأَكْثِرُواْ ذِكْرَ اللَّهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَتَنَدَّمُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَزَكُّواْ مَالَكُمْ بِصَدَقَةٍ، وَهِبَةٍ، وَإِعَانَةٍ لِإِخْوَانِكُمْ وَمَنْ أَعْطَانِي شَيْئًا مِنْ مَالِهِ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيَّ بِشَيْءٍ فَاللَّهُ هُوَ الَّذِي يَجْزِيهِ وَيَجْزِي كُلَّ عَبْدٍ عَمَلَهُ. وَإِنْ رَأَيْتُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي أَمْرًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنِّي نَهْيًا، فَاتْرُكُونِي وَاتَّبَعُوهُ. وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، وَخَالَفَ النَّفْسَ وَالْهَوَى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.