top of page

الخطبة الأولى لسيدنا عيسى

هَذِهِ أُولَى خُطْبَةٍ لِسَيِّدِنَا عِيسَى رُوحِ اللَّهِ الْإِبْنِ الْأَكْبَرِ لِسَيِّدِنَا إِمَامِ اللَّهِ وَخَلِيفَتِهِ الْأُوَّلِ. وَقَدْ أَنْشَأَهَا فِي وَفَاةِ أَبِيهِ سَيِّدِنَا الْإِمَامِ الْمَهْدِيِّ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

  أَمَّا بَعْدُ 

فَمِنْ سَيِّدِنَا عِيسَى رُوحِ اللَّهِ، نَجْلِ إِمَامِ اللَّهِ الْمَعْرُوفِ بِالْخَيْرِ وَالْكَرَمِ، إِلَى جَمِيعِ أَصْحَابِهِ، بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، لَمْ أَتْرُكْ أَحَدًا بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، أُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ، وَأُشْعِرُكُمْ بِأَنَّ أَبَانَا إِمَامَ اللَّهِ قَدْ تُوُفِّيَ، أَيْ قَدْ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا، دَارِ الْفَنَاءِ، إِلَى الْآخِرَةِ دَارِ الْحَقِّ وَالْقَرَارِ.وَاعْلَمُواْ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ بِالدِّينِ الْخَالِصِ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْعُو أَحَدًا لِنَفْسِهِ، فَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَلْيَعْبُدْهُ، وَلْيُخْلِصْ عِبَادَتَهُ بِلَا إِشْرَاكٍ. وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ لِرُؤْيَةِ أَبِي إِمَامِ اللَّهِ، فَلْيَتْرُكْ عِبَادَتَهُ لِأَنَّهُ مَضَى كَمَا مَضَى الَّذِينَ كَانُواْ مِنْ قَبْلِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ"[1] كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ[2].

وَأَيْضًا أُعْلِمُكُمْ أَنَّ سَيِّدَنَا إِمَامَ اللَّهِ، كَانَ يَقُولُ:"أَنَا مُرْسَلٌ وَمَأْمُورٌ بِالتَّبْلِيغِ، وَمَا بَلَّغْتُكُمْ إِلَّا مَا أَمَرَنِي اللَّهُ إِلَيْكُمْ، لِتَعْبُدُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ عِبَادَتَكُمْ حَيْثُ كُنْتُمْ

وَأُعْلِمُكُمْ أَنِّي مَا أَمَرْتُكُمْ إِلَّا بِذَالِكَ .

  وَأُوصِيكُمْ بِالْإِجْتِهَادِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ، وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَصُومُواْ رَمَضَانَ بِإِخْلَاصٍ، وَاخْرِجُواْ زَكَاةَ الْفِطْرِ فِي الْوَقْتِ وَدُومُواْ عَلَى كَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَتَفَكَّرُواْ فِي مُعْجِزَاتِ اللَّهِ، كَخَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَمَا بَيْنَهُمَا.

وَاصْمُتُواْ عَمَّا لَا خَيْرَ فِيهِ وَغَضُّواْ الْبَصَرَ عَمَّا يَمْنَعُ اللَّهُ نَظَرَهُ وَاحْفَظُواْ الْجَوَارِحَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ، وَاصْبِرُواْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اِصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"[3].

وَارْضَوْا بِقَضَاءِ اللَّهِ، وَاشُكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ، وَاحْذَرُواْ الظُّلْمَ بَيْنَكُمْ، لِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِهِ، وَجَعَلَهُ مُحَرَّمًا بَيْنَ الْعِبَادِ. وَاعْفُواْ عَنْ إِخْوَانِكُمْ بَعْضَ الْعَثَرَاتِ، وَأَحْسِنُواْ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكُمْ، وَاجْتَنِبُواْ أَيْضًا الْجِدَالَ، وَالْمِرَاءَ، وَالتَّسَافُلَ، وَالتَّعَايُبَ، وَغَيْرَ ذَالِكَ مِمَّا مَنَعَ اللَّهُ مِنْهُ الْعِبَادَ.

وَأَلِّفُواْ قُلُوبَكُمْ فِي الْخَيْرِ وَأْمُرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَلْيَقْتَدِ بِأَبِينَا إِمَامِ اللَّهِ فِي خِصَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَلَا يَقُلْ آمَنْتُ فَقَطْ بِغَيْرِ اِتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَذَالِكَ خُسْرَانٌ لِمَنْ يَفْعَلُهُ.

وَأَنَّ أَبِي قَالَ:" لَمْ أَدْعُوكُمْ لِلْقِتَالِ وَلَا الْجِهَادِ"، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ سِكِّينٌ، وَلَا سَيْفٌ، وَلَا رِمَاحٌ، وَلَا غَيْرُ ذَالِكَ"، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُكُمْ بِجِهَادِ النَّفْسِ: وَهُوَ حِفْظُ الْجَوَارِحِ مِمَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ، وَالْإِجْتِهَادُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ حَيْثُ كُنْتُمْ. وَأَنَا أَيْضًا كَذَالِكَ، مَا أَمَرْتُكُمْ إِلَّا بِذَالِكَ، رِجَالاً وَنِسَاءً، كَبِيرًا وَصَغِيرًا، حُرًّا وَعَبْدًا، وَمَنْ تَبِعَهُ وَصَدَّقَهُ يَهْتَدِي، وَمَنْ لَمْ يَتَّبِعْهُ، لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ، سَيَجْزِي اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ،

فَمَنْ لَقِيَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَمَنْ لَقِيَ شَرًّا فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ وَأُوصِيكُمْ بِالدَّوَامِ عَلَى الْهُدَى، وَتَقْوَى اللَّهِ الْعَظِيمِ، وَعَمَلِ الْخَيْرِ فِي كُلِّ حِينٍ، هَدَاكُمُ اللَّهُ آمِينَ .

اَلَّلهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

  

[1] 185آل عمران الآية

[2] 26-27الرحمان الآية

[3] آل عمران الآية 200

bottom of page